قالت أربعة مصادر إن قطر أرجأت تقديم أموال لحكام سوريا الجدد لزيادة رواتب القطاع العام بسبب عدم اليقين بشأن ما إذا كانت التحويلات ستنتهك العقوبات الأمريكية، وذلك في انتكاسة للجهود الرامية إلى إنعاش الاقتصاد المتضرر من الحرب.
إن التأخير في تنفيذ خطة قطر للمساعدة في دفع الزيادة، والتي أوردتها وكالة رويترز للأنباء في يناير، يسلط الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجهها السلطات الإسلامية الجديدة في سوريا في سعيها إلى تحقيق الاستقرار في الدولة المنقسمة وطمأنة القوى الأجنبية بشأن قيادتها.
وبينما أصدرت الإدارة الأميركية السابقة إعفاء من العقوبات في السادس من يناير للسماح بالمعاملات مع المؤسسات الحاكمة في سوريا لمدة ستة أشهر، فإن قطر لا ترى أن هذا كاف لتغطية المدفوعات التي ستحتاج إلى سدادها عبر البنك المركزي لتمويل زيادة الرواتب، بحسب المصادر.
وقالت ثلاثة مصادر إن قطر، حليفة الولايات المتحدة الغنية التي تربطها علاقات طويلة الأمد بالجماعات التي ساعدت في الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر، تنتظر وضوحا بشأن سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجاه دمشق.
إن حكام سوريا الجدد هم إسلاميون كانت لهم صلات بتنظيم القاعدة حتى قطع زعيمهم أحمد الشرع العلاقات معها في عام 2016.
وقال وزير المالية المؤقت في البلاد الشهر الماضي إن أجور العديد من العاملين في القطاع العام سترتفع بنسبة 400% اعتبارًا من فبراير بتكلفة شهرية تقدر بنحو 1.65 تريليون ليرة سورية (130 مليون دولار)، واستشهد بالمساعدات الإقليمية كأحد مصادر تمويل الزيادة، ولم يتسن لرويترز تحديد المبلغ الذي تخطط قطر للمساهمة به.
ولكن الزيادة لم تدخل حيز التنفيذ بعد، ولم ترد وزارة الخارجية القطرية والمتحدث باسم وزارة المالية السورية على الفور على طلب التعليق، كما لم ترد وزارة الخزانة والبيت الأبيض على أسئلة رويترز.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية: “ليس لدينا ما نعلنه فيما يتعلق بالعقوبات”.
وقال أحد المصادر، وهو مسؤول أميركي، إن قطر لم تبدأ في دفع الرواتب بسبب الغموض الذي يكتنف العقوبات الأميركية.
وقال مصدر آخر إن قطر لا تدفع رواتب القطاع العام، لكنه أشار إلى أن الدوحة أرسلت شحنتين من الغاز المسال للمساعدة في تخفيف النقص الحاد في الطاقة.
الأزمة الاقتصادية
ويشكل تعزيز الاقتصاد أولوية قصوى بتلنسبة للرئيس السوري الشرع، وتقول الأمم المتحدة إن تسعة من كل عشرة سوريين يعيشون في فقر.
كما أعدت إدارته خططا لخفض ثلث الوظائف في القطاع العام المترامي الأطراف، وهو الأمر الذي كان يُنظر إليه على نطاق واسع في عهد الأسد باعتباره وسيلة لإدارته لضمان الولاء من خلال الرواتب.
ويسمح الإعفاء من العقوبات الأميركية، والذي يسري حتى السابع من يوليو المقبل، بنقل التحويلات المالية الشخصية عبر البنك المركزي وبعض المعاملات في مجال الطاقة.
ويعرف هذا الترخيص بأنه ترخيص عام، ويمثل جهداً لتسهيل تدفق المساعدات الإنسانية.
لكن وزارة الخزانة الأميركية قالت في ذلك الوقت إن هذا الإجراء لم يرفع العقوبات الأميركية.
ودعا الشرع مرارا وتكرارا إلى رفع العقوبات الغربية التي فرضت لعزل الأسد بسبب حملته الوحشية خلال الحرب الأهلية السورية الطويلة التي بدأت في عام 2011، وإلى الضغط من أجل التوصل إلى حل سياسي للصراع.
وقال وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني في كلمة ألقاها يوم الثلاثاء إن الحكومة نجحت في تعليق بعض العقوبات أو تخفيفها. وقال مسؤولون سوريون إن العقوبات لم تعد مبررة منذ الإطاحة بالأسد.
علقت دول الاتحاد الأوروبي، الاثنين، مجموعة من العقوبات ضد سوريا بأثر فوري، بما في ذلك القيود المتعلقة بالطاقة والبنوك والنقل وإعادة الإعمار.
ولم تقل إدارة ترامب الكثير عن سياستها تجاه سوريا، ففي السادس عشر من فبراير أثناء زيارة إلى القدس، استخدم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لهجة حذرة، قائلا إنه في حين أن سقوط الأسد واعد، لكنه لن يكون تطورا إيجابيا إذا حلت قوة في سوريا بقوة أخرى مزعزعة للاستقرار.
أصبحت السياسة الغربية في سوريا معقدة بسبب الأصول الجهادية لهيئة تحرير الشام، الجماعة المسلحة التي قادت الحملة التي أطاحت بالأسد والتي صنفتها القوى العالمية كجماعة إرهابية.
انبثقت هيئة تحرير الشام من جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا، حتى قطع الشرع العلاقات معها في عام 2016، وتم حل هيئة تحرير الشام رسميًا في يناير.
المصدر: Reuters