في حديث خاص مع صحيفة الإندبندنت البريطانية، قال رامز حلواني البالغ من العمر 37 عام أنه أصيب بفيروس كورونا في وقت سابق من هذا الشهر، حيث اجتاح الوباء العاصمة السورية دمشق، قال: “لقد عانيت من عدوى فيروس كورونا لمدة 10 أيام، لقد أصبت بالعدوى من زميل لي في مدرسة صيفية، بعد أسبوع تقريبًا، شعرت بالإرهاق و الحمى والسعال الجاف، اعتقدت بدايةً أنها مجرد إنفلونزا، ولكن كإجراء احترازي طلبت من زوجتي وأولادي الثلاثة البقاء مع والدي زوجتي”.

في صباح اليوم التالي، استيقظ السيد حلواني مصابًا بألم في الحلق وصداع شديد، كان يعرف بعض الأطباء والممرضات في عيادة قريبة من المكان الذي كان يعيش فيه وذهب إلى هناك.
و وصف لهم أعراضه وقاموا باختباره و طلبوا منه العودة إلى المنزل والحجر الصحي على نفسه أثناء انتظار نتائج الفحص.
يقول السيد حلواني: “في اليوم التالي اتصلت بالطبيب، الذي أخبرني أن نتيجة الفحص إيجابية”.
قيل له ألا يحاول الذهاب إلى المستشفى لأنها كانت ممتلئة ولن يقبلوه كمريض.

قللت وزارة الصحة السورية من مدى سرعة انتشار المرض، وقد أبلغت فقط عن 2293 حالة إصابة بـ Covid-19 و 92 حالة وفاة، 52 منها في دمشق.

قالت ممرضة من مستشفى كبير في دمشق لصحيفة “إندبندنت” إن رقم وزارة الصحة السورية لأعداد المصابين هو 10 في المائة فقط من الرقم الحقيقي.
قالت الممرضة إن مستشفى المواساة الجامعي الضخم، حيث تعمل، كان ممتلئاً بالمرضى، وكثير منهم ينامون على مراتب على الأرض.

من المرجح أن يكون عدد الأشخاص الذين يموتون أعلى بكثير مما تعترف به وزارة الصحة.
قال السيد حلواني إنه يعيش بالقرب من مقبرة كبيرة وشاهد عشرات الجثث تُدفن سراً هناك ليلاً: “قبل ثلاثة أسابيع، وصلت ست شاحنات صغيرة، تستخدم عادة في المستشفيات لنقل الأدوية والمعدات الطبية، إلى المقبرة في حوالي الساعة 10 مساءً، وكان برفقتهم حوالي 15 رجلاً يرتدون معدات الوقاية الشخصية، اثنان منهم يحملان بنادق كلاشينكوف.

بدافع الفضول، اقترب السيد حلواني من السياج المحيط بالمقبرة حيث “صُدم برؤية أنهم كانوا ينقلون عشرات الجثث من الشاحنات”.
وعندما اقترب بعض جيرانه من المكان، صاح أحد الرجال مطالبين “بالابتعاد حتى لا يصيبنا المرض”.
قال السيد حلواني إنه أحصى حوالي 45 جثة، لكنه يعتقد أن العدد الإجمالي يزيد عن 60 جثة.

سكان دمشق البالغ عددهم 5 ملايين نسمة في وضع سيئ لمقاومة انتشار فيروس كورونا.
حيث الناس محشورين في المنازل، في كثير من الأحيان تقيم عدة عائلات في منزل واحد، لأنهم فروا إلى العاصمة السورية خلال السنوات التسع الأخيرة من الحرب.
لقد أفقرهم الصراع، حيث يعيش ثمانية من كل 10 سوريين تحت خط الفقر وفقًا للأمم المتحدة .

أصبح هذا الوضع فجأة أسوأ بكثير هذا الصيف بعد أن أدخلت إدارة ترامب ما يسمى بقانون قيصر لحماية المدنيين السوريين، هذا القانون دخل حيز التنفيذ في 17 يونيو، عزز العقوبات الاقتصادية المشددة ضد سوريا والتي كانت تسحق الاقتصاد بالفعل.

ترقى الإجراءات الجديدة إلى حصار اقتصادي كامل، وأدت إلى ارتفاع الأسعار، وشبه انهيار للعملة السورية، ونقص في الغذاء والضروريات الأخرى.
على الرغم من أن الغرض الظاهري للعقوبات قد يكون حماية السوريين، إلا أن تأثيره الحقيقي كان جعلهم أكثر فقرًا وأكثر معاناة من سوء التغذية وأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا.
يشتكي السوريون في الشارع من أن عليهم الاختيار بين شراء الأقنعة وشراء الخبز.

السيد حلواني أفضل حالاً بقليل من الكثير من المصابين في دمشق، لكنه لا يزال يجد الأدوية التي يريد شراءها باهظة الثمن.
بعد أن أخبره الطبيب أنه أثبت إصابته بفيروس كورونا، قال: “ذهبت إلى الصيدلية مرتديًا قفازات وقناعًا واشتريت بعض الباراسيتامول، و مضاد حيوي يسمى أزيثروميسين، وأقراص فيتامين سي” ويعتقد أن أي شخص مصاب بفيروس كورونا في سوريا يحتاج إلى 25 ألف ليرة سورية على الأقل (7.61 جنيه إسترليني) لتغطية التكاليف الإضافية ويشير إلى أن هذا يمثل أكثر من نصف الدخل الشهري لكثير من الناس.
وقال “هذا هو السبب في أن عدد الوفيات يتزايد بشكل كبير، الناس لا يموتون من المرض، بل من الفقر.

عدم الاعتراف بالمرض
لا يريد السوريون في كثير من الأحيان الاعتراف بأنهم مصابون بفيروس كورونا لأنهم لا يعتقدون أنه يمكن فعل أي شيء لهم ولا يريدون أن يصبحوا منبوذين من المجتمع.
وقال السيد حلواني إن هناك العشرات من حالات الإصابة في حيه، لكن الكثير منهخ يخفيها ولم يذهبوا إلى عيادة أو مستشفى.
كان أحد جيرانه متعبًا ويسعل، ولكن عندما سأله السيد حلواني فيما إذا كان مصابًا، قال إنها مجرد إنفلونزا.
في وقت لاحق، أكدت ممرضة في عيادة الحي للسيد حلواني أن الرجل مصاب بالفعل بفيروس كورونا.

بعد أسبوع من تشخيصه، كان يعاني من صعوبة في التنفس وألم في الصدر وفقد حاسة التذوق والشم.
قال له طبيبه أن يأكل الكثير من الفاكهة والخضروات، لكن هذا لم يكن سهلاً كما يبدو.
يتذكر قائلاً: “لقد أعلنت لجيراني أنني مصاب ويجب ألا يصافحواني”.
لكن بسبب صدقه هذا، أصبح عندما يذهب لشراء الفاكهة من محلات البقالة القريبة، يرفضون أن يقترب منهم و بيع أي شيء له.

قال: “كان جميع أصحاب المتاجر يصرخون في وجهي بمجرد أن يروني من بعيد، على الرغم من أنني كنت أرتدي قناعًا وقفازات”.

كان مجبراً على المشي لمدة ساعة إلى المحلات التجارية في منطقة أخرى حيث لا يعرفونه.
في منطقته، حتى الحافلات الصغيرة لم تأخذه لأن السائقين كانوا يعلمون أنه مصاب.
قال “هذا سخيف”، أعرف الكثير من الناس في الحي مصابين أيضًا لكنهم يخفون ذلك، يزعمون أنها مجرد إنفلونزا ويذهبون للتسوق وركوب الحافلة ولا ينتقدهم أحد”.

 

المصدر: Independent