تشير التقارير إلى مقتل أكثر من ألف شخص منذ اندلاع أعمال العنف في غرب سوريا خلال أيام قليلة، وتحدثت تقارير عن عشرات عمليات الإعدام بإجراءات موجزة بحق المدنيين والمسلحين.
ويخشى الخبير في شؤون الشرق الأوسط كاوا حسن من مؤسسة ستيمسون البحثية الأميركية من بدء فصل جديد في الحرب الأهلية المستمرة منذ أربعة عشر عاما، إلى أي مدى سيستخدم حكام البلاد الجدد العنف لهزيمة المعارضين؟، الوضع أصبح خارجا عن السيطرة”
بدأت أعمال العنف عندما حمل جنود سابقون في جيش الديكتاتور المخلوع الأسد السلاح ضد الحكام الجدد، ونفذوا الخميس الماضي هجوما واسع النطاق على قوات الأمن التابعة للرئيس المؤقت أحمد الشرع.
وتطلق الجماعة المسلحة على نفسها اسم المجلس العسكري لتحرير سوريا، ويقول زعيمهم الجنرال السابق غياث دلة إنه يريد “تحرير البلاد، لكنّه مجرد قاتل من الفرقة الرابعة في جيش الأسد”، كما يقول حسن، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على دلة بسبب الهجوم الكيماوي في الغوطة عام 2014 والذي أدى إلى مقتل ما يقدر بنحو 1400 مدني.
الهجوم المضاد
في أعقاب الهجوم الذي شنته فلول النظام يوم الخميس، شنت قوات الشرع هجوما مضادا، وقال الرئيس المؤقت يوم الجمعة: “لقد هاجمتم كل السوريين، واستهدفتم أولئك الذين يحمون سوريا، واقتحمتم المستشفيات وأرهبتم الأبرياء”. وأعلن أنه سيتم ملاحقة “بقايا النظام الساقط”، وقال إن “المجرمين سيتلقون محاكمة عادلة”.
ويرى الشرع أن العنف اليوم “أحد التحديات التي توقعها الحكام الجدد بالفعل”، وتمكنت قواته من هزيمة قوات الأسد في ديسمبر مع مقاومة قليلة نسبيا، لكن أنصار الديكتاتور السابق ما زالوا في البلاد.
سيطرت القوات العسكرية والمجموعات المسلحة الموالية للشرع على مدينتي اللاذقية وطرطوس وعدد من القرى المحيطة بهما، تم فرض حظر التجوال بسبب مطاردة مقاتلي الفلول وتم إغلاق طرق الوصول.
قال شهود عيان أن الميليشيات التابعة للنظام الحالي ارتكبت عمليات قتل واسعة النطاق، ومع ذلك، لا يوجد سوى عدد قليل من الصحفيين المستقلين في المنطقة للتحقق من هذه المعلومات.
والضحايا المزعومون هم من العلويين، وهم الأقلية التي ينتمي إليها الأسد أيضاً، وقد فرّ الآلاف منهم خوفاً من وقوع هجمات انتقامية جديدة، تستمر المعارك العنيفة بين الفلول وقوات الرئيس المؤقت.
وأفاد أحد النازحين من مدينة بانياس لوكالة أسوشيتد برس إن الجثث كانت ملقاة في الشارع، وقال علي شيحة (57 عاما) “لقد كان الأمر سيئا للغاية”، وذكر أن ما لا يقل عن عشرين مواطناً قتلوا، بعضهم في متاجرهم أو منازلهم.
ويقول إن شخصًا واحدًا على الأقل طُلب منه إظهار هويته للتحقق من ديانته قبل قتله، ويقال أيضًا أنه كانت هناك عمليات نهب وسرقة.
تمكنت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” من اكتشاف جثة تم جرها في الشوارع خلف سيارة في اللاذقية، استناداً إلى مقطعي فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي.
تحريض
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يقع مقره في المملكة المتحدة، قُتل عدة مئات من المدنيين، على الرغم من أن هذه الأرقام غير مؤكدة أيضًا، وقال مصدر حكومي لم يكشف عن هويته لوسائل إعلام رسمية سورية إن هناك “انتهاكات فردية”، ومن غير الواضح ما المقصود بهذا على وجه التحديد وما إذا كان النظام قد فعل أي شيء حيال ذلك.
وأضاف حسن أنه ينبغي تشكيل لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة في أقرب وقت ممكن لتحديد ما حدث، وبحسب قوله، فإنه من الواضح بالفعل أن القادة التابعين لحكومة الشرع حرضوا أنصارهم على العنف ضد العلويين من خلال مقاطع فيديو تحريضية.
حتى رئيس جهاز المخابرات ووزارة الدفاع دعوا الناس إلى التوجه إلى المنطقة الساحلية، كما قال المتظاهرون المؤيدون للنظام على الهواء مباشرة: “إن سوريا سنية وستبقى كذلك لألف سنة قادمة”.
الجهاديون الأجانب
ويعد الشرع زعيم جماعة هيئة تحرير الشام السُنية، وهي ميليشيا انبثقت عن حركة القاعدة الإرهابية، وتقدم حركة الشرع نفسها للمجتمع الدولي باعتبارها حركة معتدلة.
عندما تولى الشرع منصبه كرئيس مؤقت في أواخر يناير، كانت هناك آمال في أن يتمكن من توحيد المجموعات العرقية العديدة في سوريا، على الرغم من وجود مخاوف أيضاً بشأن ما قد يعنيه ذلك بالنسبة للأقليات في البلاد، مثل الأكراد والدروز والمسيحيين والشيعة. وبحسب الحسن فإن الانقسامات داخل حكومة الشرع الانتقالية تزايدت بالفعل: “لقد شهدت الأشهر الثلاثة الماضية المزيد من الاغتيالات، والتي كانت تُنسب دائماً إلى أفراد، ويبدو أن معظم عمليات القتل نفذها جهاديون أجانب، معظمهم من أوزبكستان والشيشان، وأتساءل ما إذا كان النظام يسيطر على كل الجماعات المسلحة”.
ويأمل حسن أن تقوم الدول الأوروبية والعربية بالضغط على الشرع لاتخاذ إجراءات ضد من نفذوا الإعدامات، ويعتقد أيضاً أن المزيد من الضغوط الدولية مطلوبة لجعل الحكومة المؤقتة ممثلة لجميع فئات الشعب السوري.
المصدر: NOS