كان من المفترض أن يكون عام 2020 هو العام الذي يعمل فيه، القادم حديثاً من سوريا عرفان كركي والمقيم في مدينة كوليمبورخ بمقاطعة خيلديرلاند الهولندية، على تحقيق حلمه.
كان في طريقه لتصدير الزهور الهولندية إلى الدول عربية لكن وباء كورونا أحبط ذلك، إلا أن الاستسلام لم يكن خياراً بالنسبة له، قال: “لدي حلم جديد بالفعل”.

وصل عرفان إلى هولندا في العام 2015، يستقبل زيارة صحيفة ألخمين داخبلاد بابتسامة عند مدخل منزله الصغير في وسط كوليمبورخ، ابنه حبيب البالغ من العمر سنة ونصف، كان لا يزال في المهد العام الماضي، يلعب الآن في الصالة.
كل من يتوقع أن الرجل أصبح محطماً بعد المحنة في 2020 فهو مخطئ.

أخبار كبيرة
قال عرفان: “حسنا، نحن الأربعة بصحة جيدة ولدي أخبار كبيرة: هناك كركي خامس في الطريق، زوجتي زينب حامل”.
تمكن عرفان من تجنب منح الزائرين عناقًا في فرحته العفوية: “أوه لا، هذا غير ممكن، لنكن حذرين”.

بسؤاله حول كيف سيكون الوضع لعرفان بدون وباء كورونا؟ قال: مختلف تماما، كنا على وشك البدء.
تم نشر مقاطع الفيديو الترويجية العربية لشركته عبر الإنترنت على موقع YouTube، و كانت الاتفاقات مع التجار في دبي والإمارات العربية المتحدة مكتملة.
كان يمكن أن يبدأ تصدير الزنبق و بذور بساتين الفاكهة وخاصة الورود.
وكنا من المفترض أن نبدأ رسميًا في 1 مارس، لكن نعم ..جاء وباء كورونا”.

مغرم بالزهور
كان عرفان مدرسًا للأحياء ومخترعًا في دمشق قبل سفره من سوريا، قال: “لطالما أحببت الزهور، ربما كان من المنطقي أكثر أن أتولى مهنتي القديمة كمدرس في هولندا، لكن ليس لدي ثقة كافية في ذلك، ثقافة التعليم مختلفة جدا هنا، وأخشى أنني لم أتمكن بعد من التعبير عن نفسي بشكل كاف باللغة الهولندية”.

كان المواطن الذكي عرفان هو المترجم الفوري والداعم لمئات من رفاقه خلال هجرة لاجئي الحرب في عام 2015، في أوتريخت، كان عرفان يتحدث إلى الصحفيين والمستشارين وعمال الإغاثة بلغة إنجليزية ممتازة.
بدا عرفان، الذي زار أوتريخت بالفعل سابقاً كسائح ومخترع، وكأنه سمكة في الماء.

الإندماج
بعد خمس سنوات، يروي عرفان اجراءات اللجوء التي مر بها.
فبعد أربعة عشر يومًا مكثها منذ وصوله إلى هولندا، غادر ملجأ أوترخت للطوارئ إلى مركز طالبي اللجوء في لوتلخيست.
كان يأمل أن يكون المركز محطة توقف قصيرة في حياته الجديدة في هولندا، ويفضل لو كان ذلك في أوتريخت، لكنها كانت معاناة طويلة.
اذ بينما كان يرى مواطنين جاءوا لاحقًا يجتمعون مع عائلاتهم ويغادرون إلى منازلهم الجديدة، ظل عرفان ينتظر صامتًا بقلق: “أحيانًا يجب أن أكون حريصًا حتى لا أفقد الأمل”، تنهد عرفان، الذي كان يفتقد زوجته وابنه بشدة.
كان عرفان قلقًا باستمرار على أسرته في سوريا، قال: في عام 2016 كان لدي الكثير من التواصل مع زوجتي وابني عبر سكايب و ابني يرسل لي رسومات عبر WhatsApp. كانت سيارات الإطفاء وألسنة اللهب تتزايد طوال الوقت، هذا غير جيد، كان ابني يرى الكثير من البؤس”.
استغرق الأمر ما يقرب من عام حتى منح تصريح الإقامة، و نُقل إلى مركز طالبي اللجوء في Winterswijk.

مفتاح منزله
يبدأ عرفان في بذل الجهود للم شمل عائلته، وصلت الزوجة والإبن يوم الأربعاء 22 فبراير 2017: “ربما كان هذا اللقاء مع عائلتي أفضل يوم في حياتي”.
في مايو 2017، تسلم مفتاح منزله في وسط مدينة كوليمبورخ.

هناك تحاول الأسرة أن تجد طريقها، هذا يسير بسلاسة مع ليث الصغير البالغ من العمر 9 سنوات، يقول والده الفخور: “إنه يجيد اللغات الهولندية والإنجليزية والعربية، إن أداءه جيد في المدرسة وحلمه أن يصبح طيارًا أو مصمم كمبيوتر، ليث طالب جودو أيضاً في كوليمبورخ ولديه عدد قليل من الأصدقاء”.

عرفان نفسه يملأ أيامه بالمشي في كوليمبورخ و بالاختراع، حيث يقضي ساعات على جهاز الكمبيوتر الخاص به في العمل على إبداعات جديدة، لا لتمضية الوقت: “لقد ركزت على التصميم، لقد صممت الآن كراسي مكتب صحية للجسم، لكل من الأطفال والكبار، هناك مؤقت وبرنامج تدليك، أعتقد أن هذا النوع من الأثاث أصبح ذا أهمية متزايدة الآن لأننا نعمل من المنزل”.

تقدم عرفان بطلب للحصول على براءة اختراع وحصل عليها، ويساعده مشرف الحي أحمد بن صادق في عرض المنتج في السوق، و يتواصل مع صانعي وشركات الأثاث.
تظل الأزهار حلمي الكبير، لكن طالما أن ذلك غير ممكن بسبب كورونا، عليك أن تخلق أحلامًا جديدة”.

جواز سفر هولندي
في نهاية المحادثة، يأتي عرفان بأمل أخر، يريد أن يصبح هولندياً، “لقد تقدمت بطلب للحصول على الجنسية الهولندية لي ولعائلتي.
هذه خطوة كبيرة بالنسبة لنا، لكنها خطوة منطقية.
أنا الآن أحب هذا البلد، و يتمتع أطفالي بمستقبل أفضل في هولندا، هنا نريد أن نكبر ونعيش بسعادة”.

سوريا
يتابع عرفان أن الارتباط مع سوريا لن يضيع أبدًا، تعيش عائلتي هناك وتبقى البلاد في قلوبنا، إذا بدأت عملي هنا، أود أن أفعل شيئًا للأطفال في سوريا.
يجب إعادة بناء البلاد بالكامل بعد سنوات الحرب، الأطفال يعانون، أريد أن أفعل لهم شيئًا فيما بعد، لكن مستقبلنا هنا في هولندا”.

 

مدرسة سما أون لاين لتعليم الأطفال اللغة العربية والقرأن الكريم

المصدر: AD