يرى الشاب السوري عامر العمري أن مهمته الشخصية هي إطلاع الوافدين الجدد الناطقين بالعربية في هولندا على أخبار كورونا، قال: “الحكومة لا تصل إلى هؤلاء الناس، لذلك علي أن أفعل ذلك”.  

كما كان الهولنديون يتوقعون ظهور رئيس الوزراء المنتهية ولايته مارك روتا اليوم الأربعاء في مؤتمر صحفي جديد حول فيروس كورونا، توقع القادمون الجدد الناطقون بالعربية عامر العمري أن يحدثهم بعد ساعة.

الشاب السوري البالغ من العمر 29 عامًا، والذي يعيش في هولندا منذ ست سنوات ويتحدث اللغة الهولندية بطلاقة تقريبًا، يجلس على كرسي مخملي بني خلف مكتبه في منزله في نيوفين.
قام بتثبيت الكاميرا الخاصة به على الحامل، وقام بتشغيل المصباح الدائري LED الذي كان قد اشتراه عبر AliExpress مقابل 5 يورو ويخاطب متابعينه  عبر بث مباشر على Facebook.

هذه المرة كان خطابه حول حظر التجول، وهو إجراء حساس بين متابعينه من الوافدون الجدد الناطقون بالعربية الذين لا يتحدثون اللغة الهولندية بعد.
يأتي معظمهم من منطقة حرب، حيث يُسمح للسكان في بعض الأحيان بالخروج لمدة ساعة واحدة فقط في اليوم للتسوق، إنه شعور غريب بعض الشيء بالنسبة لهم في بلد آمن مثل هولندا.

البث المباشر الذي ظل العمري يبثه منذ بداية أزمة كورونا بات واسع الانتشار: يشاهده 20-30 ألف شخص بعد كل مؤتمر صحفي.
بينهم سوريون كثيرون، و لكن هناك أيضا مصريون ومغاربة وعراقيون ويمنيون.

هناك القليل جدا من المعلومات حول فيروس كورونا باللغة العربية، القادمون الجدد لا يشاهدون المؤتمر الصحفي لمارك روتا، فهم يعرفون، أن عامر سيأتي بعد قليل.

جيلاتين لحم الخنزير
العمري من درعا جنوب سوريا، درس الهندسة المدنية هناك، لكنه اضطر إلى ترك دراسته في وقت مبكر بسبب اندلاع الحرب.
سافر إلى هولندا، عبر الأردن، حيث كان يعمل هناك مع المنظمات الغير حكومية في مخيمات اللاجئين لفترة.
يقول: “في العام الذي انتظرته في مركز طالبي اللجوء حتى اتخاذ القرار بشأن وضعي للإقامة، لم يكن لدي أي فكرة عما يمكن توقعه، أتذكر طالب لجوء آخر جاء إلى غرفتي ذات مرة بورقة Duo، قال: الآن يمكننا الذهاب إلى الكلية! لكنني لم أكن أعرف ما هو Duo على الإطلاق.

الفجوة بين المنظمات التي تساعد اللاجئين واللاجئين أنفسهم، بحسب العمري، هي نتيجة للاختلافات الثقافية ونقص المعرفة، اذ لا يعرف اللاجئون ما تفعله هذه المنظمات، وغالبًا ما لا تفهمنا المنظمات أيضًا، إنهم يأتون بتقارير وأرقام، لكنهم لا يتحدثون معنا حقًا.

كما أن الشكوك العميقة لدى الوافدين الجدد بشأن الوكالات الحكومية تؤثر أيضًا على كيفية استجابتهم لأزمة كورونا.
على الرغم من عدم وجود أي بحث يدعم هذا حتى الآن، يلاحظ العمري أن الاستعداد للتلقيح بين الوافدين الجدد منخفض.
وأضاف “يتابعون القنوات العربية للأخبار ويتبادلون الفيديوهات مع بعضهم البعض والتي تفيد بأن الفيروس مؤامرة”.
الإشاعة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي عن وجود جيلاتين الخنزير في لقاحات كورونا تكفي لكثير من المسلمين ليقرروا عدم التطعيم.
ويشير العمري إلى أن هناك الكثير من الاحساس بالخزي، إذا أصيب شخص من ثقافتنا بالعدوى، فغالباً ما لا يتحدثون عنها.
أحاول أن أوضح: “إذا أصبت بالكورونا، فهذا لم يحصل على الفور لأنك لم تتبع التدابير بشكل صحيح، اذ يمكن أن يحدث هذا لأي شخص”.

صفحة الفيسبوك
بعد تجربته في مركز طالبي اللجوء، حيث قضى العمري وقته بعد وصوله لهولندا، رأى أن مهمته الشخصية هي بناء جسر بين الوافدين الجدد والسلطات.
منذ حوالي ثلاث سنوات، طرق باب بلدية أوتريخت، حيث تم تخصيص منزل له (انتقل لاحقًا إلى نيوفين).
بدأ صفحة على Facebook بصفته الشخصية حيث قدم للقادمين الجدد المعلومات من خلال مقاطع الفيديو عن السلطات المختلفة في هولندا.
على سبيل المثال، خرج مع البوا (مفتشي البلدية)، وأجرى مقابلة مع “مدون فيديو من الشرطة” دينيس شورينج وتحدث مع رئيس حزب D66 روب جيتين حول مستقبل السوريين في هولندا.

عندما حصلت أزمة كورونا، كان من المنطق أن يطلع متابعيه عما يجري.
اشترى جهاز كمبيوتر محمول وكاميرا من مدخراته، والتي كانت في الواقع مخصصة للحصول على رخصة قيادة، وقد سجل منذ ذلك الحين أكثر من مائة فيديو حول كورونا.

يعمل عليها ليلا ونهارا، و يتابع كل الأخبار ويرد على كل الرسائل، و لا يزعجه، حقيقة أن هناك بعض متابعيه المتشككين الذين ينتقدوه باعتباره “محامي الحكومة” الذي يحصل بالتأكيد على رواتب كبيرة لنشر قصص كاذبة عن كورونا.

يثابر و يندفع للأمام لأن الكثير من المتابعين يقدرونه بالفعل، مثل أحدهم الذي ترك مؤخرًا بريدًا صوتيًا، قال: أتابع الأرقام والإحصائيات كل يوم عبر البث المباشر الخاص بك، استمر في ذلك، لأني لا أفهم كل الأخبار الأخرى، عندما تتوقف، أعرف أن الكورونا قد انتهت.

 

المصدر: VolksKrant