لم تتخيل جيلهرمينا أن ذلك سوف يحدث لها، عملت بجد طوال حياتها ولم تخالف القانون أبداً، رأت نفسها فجأة تظهر على التلفزيون الوطني الهولندي في برنامج المساعدة في العثور على المجرمين أوبسبورينغ فيرزوخت، تم اتهامها بالخطأ بالسرقة.
كانت جيلهرمينا بريئة وليس لها علاقة بالقضية: “لقد كانت فترة عصيبة، انقلبت حياتي، وكان الجيران يقولون: لا يوجد دخان بلا نار”.

يبدو ذلك غريباً لدرجة يصعب تصديقها، ومع ذلك، فإن هذا هو بالضبط الكابوس الذي واجهته جيلهرمينا ألفيس، البالغة من العمر 65 ​​عامًا، و هي في الأصل من البرتغال لكنها تعيش في هولندا منذ عام 1980 مع زوجها أفيلينو البالغ من العمر 72 عاماً.
لقد عملت بجد طوال حياتها، أولاً في مصنع اللحوم، وفي العامين الماضيين كعاملة تنظيف في مؤسسة مالية.

السرقة بالخداع
قبل عامين انقلبت حياتها رأساً على عقب، في شهر يناير 2019، كانت تقضي عطلة في البرتغال مع زوجها، عندما تلقت فجأة مكالمة هاتفية غريبة من ابنة زوجها أوليفيا.
قالت لـ RTL Nieuws: “أخبرتني أنها رأتني في برنامج البحث عن المجرمين Opsporing Verzocht، و في البداية اعتقدت أنها مزحة”.
لكن ظهر أنها ليست مزحة، في بث حلقة البرنامج في يوم 8 يناير 2019، طلب البرنامج من الناس المساعدة في العثور على لصوص سرقوا بطاقة بنك من رجل مسن، ثم سرقوا الأموال من حسابه البنكي.
أظهرت المشاهد كيف يأخذ رجلان الرمز السري أولاً ، ثم يسرقان بطاقة البنك من رجل مسن، وبعد ذلك بقليل، تم عرض مشاهد لجيلهرمينا، وهي تسحب الأموال من ماكينة الصراف الآلي في منطقة Korte Lijnbaan في روتردام، ثم طلب المساعدة في العثور على هذه المرأة؟!

الصورة التي تم عرضها للمرأة في برنامج البحث عن المجرمين

يقول التعليق الصوتي للبرنامج: “بعد سرقة المحفظة من الرجل المسن، تقوم هذه السيدة بسحب الأموال ببطاقته المصرفية.
نحن محظوظون، اذ على الرغم من أنها بدأت أولاً بسحب المال وهي ترتدي النظارات الشمسية، إلا أنها على ما يبدو لا ترى سوى القليل لدرجة أنها أزالت النظارات الشمسية، يرجى اخبارنا إذا كنت تعرف هذه المرأة، أو إذا كنت قد رأيتها من قبل”.

وهذا بالضبط ما حدث، حيث تم التعرف على جيلهرمينا من قبل الكثير من الناس.
قامت ابنة زوجها بالاتصال بالشرطة على الفور و أخبرتهم بأن هناك خطأ فادح.
لكن كانت صورها قد انتشرت، تقول المرأة: “لقد تلقينا الكثير من المكالمات الهاتفية من الأشخاص الذين رأوني، أو الذين تلقوا بلاغًا من قبل الآخرين الذين رأوني في البرنامج”.

خطأ فوق خطأ
في النهاية، قرر الزوجان إنهاء إجازتهما والعودة إلى هولندا، قالت جيلهرمينا: “أردت أن أذهب إلى الشرطة في أسرع وقت ممكن لأشرح لهم أنني بريئة وأنه لا علاقة لي بهذه القضية”.
تمكنت بسرعة من اثبات أنها بريئة: “في ذلك الوقت كنت أستخدم جهاز الصراف الآلي فعلاً، ولكنه ليس جهاز الصراف الآلي الذي تم سرقة الأموال منه”.
تدرك الشرطة أنها ارتكبت خطئاً فادحًا وتعتذر على الفور، لكن البؤس لا يتوقف عند هذا الحد.
بعد أسبوع، ظهرت صورة جيلهرمينا مرة أخرى في البرنامج، وقالوا أنهم تلقوا سبع نصائح حول “هذه المرأة المشتبه بها” وأنه تم التعرف عليها على هذا الأساس.

تم حظر بطاقة الدخول
قالت ابنة زوجها أوليفيا: ” انه أمر لا يصدق، لقد كان أمرًا فظيعًا بالفعل أنهم صوروا زوجة أبي زورًا في البث الأول، والآن هذا يتخطى الحدود”.
كانت تلك هي اللحظة التي وكلت فيها المحامي خيرت بوت، الذي ساعد الأسرة منذ ذلك الحين.
بالنسبة لجيلهرمينا، فإن عواقب شهرتها الوطنية غير المرغوب فيها لا تُحصى.
في وظيفتها، حيث عملت عاملة نظافة لمدة عامين، مُنعت من الدخول إلى المبنى: “تم حظر بطاقتي، بالطبع قلت إنني بريئة ولا علاقة لي، لكن مديري قال سننتظر ونرى، و لم يُسمح لي بالعودة إلى العمل”.

أنا لست لصة أنا شخص نزيه
كما أن التأثير خارج عملها كان هائلاً، تقول: “عندما كنا نسير في الشارع في منطقتنا، حيث عشنا لمدة 20 عامًا، بدأ الناس في الحديث عنا والاشارة الينا، أصدقاؤنا الحقيقيون يثقون بنا بالطبع، لكن كان هناك أيضًا أشخاص يقولون: لا يوجد دخان بلا نار”.
عندما تنظر جيلهرمينا إلى الخلف، فإنها تصبح عاطفية، قالت وهي تبكي: “كان الأمر مروعًا، لم أستطع النوم، ولم أعد أستطيع تناول الطعام، كنت متوترة للغاية.
أنا أعمل من أجل الحصول على أموالي الخاصة، أنا شخص نزيه، أنا لست لصة، لم أسرق من الآخرين أبدًا، ثم فجأة أتهمت بشيء من هذا القبيل، والناس يتحدثون من وراء ظهري وكأنني لصة، هذا مؤلم جدا”.

لم يتم تمديد العقد
بعد أسبوعين من البث الأول، قام البرنامج ببث تصحيح، قالت المرأة: “بهذه الطريقة كان يمكنني على الأقل أن أثبت لصاحب عملي أنني بريئة، لكن بخلاف ذلك، كان الضرر قد حدث بالفعل، كثير من الناس لم يروا ذلك التصحيح، ظللت موضع شك بالنسبة لهم”.
لقد تغيرت حياة المرأة كثيرًا منذ بث البرنامج، لم يتم تجديد عقد عملها، قالت: “لا يمكنني إثبات أن هذا له علاقة بالبرنامج، لكنه أمر غريب، لقد اعتادوا أن يكونوا راضين دائمًا عن كيفية أدائي لعملي”.

عاطفية
مع فقدان جيلهرمينا لراتبها، أصبح من الصعب عليها وعلى زوجها أفلينو دفع جميع النفقات، و دفعهم هذا جزئيًا إلى العودة إلى البرتغال، حيث ما زالوا يعيشون هناك حتى اليوم.
تقول جيلهرمينا بشكل عاطفي مرة أخرى إنها تود العودة إلى هولندا: “أفتقد هولندا، أرغب بشدة في العودة إلى منزلنا القديم، لكنني أخشى أيضًا، أنه لا يزال ينظر إلينا بشك هناك”.

ما الخطأ الذي حدث بالضبط؟
تلقت جيلرهرمينا الآن اعتذارًا من النيابة العامة، المسؤولة عن بث البرنامج.
يقر المسؤول الصحفي إرنست بولس بارتكاب “خطأ فادح” أثناء إعداد تقرير التحقيق: “عندما اتضح أن السيدة جيلهرمينا لا علاقة لها بهذه القضية، اعتذرنا 600 مرة، و فعلاً لم يكن هذا جيدًا، بالنسبة لهذه السيدة، كان الوضع رهيب”.

ولكن كيف يمكن أن يحدث هذا الخطأ؟ يوضح بولس: “أثناء التحقيق في سرقة البطاقة بالخداع، أصبح من الواضح أن بطاقة البنك المسروقة قد تم استخدامها في وقت معين في جهاز الصراف الآلي في Korte Lijnbaan في روتردام، و تم طلب تسجيلات كاميرا المراقبة من بنك ING للشخص الذي كان يستخدم ماكينة الصراف الآلي في ذلك الوقت، وهنا تحديداً حدث الخطأ، فهناك عدة أجهزة صراف آلي بمنطقة Korte Lijnbaan، وقد قام البنك بتزويدنا بتسجيلات المراقبة لماكينة صراف آلي مختلفة عن الماكينة التي تم سرقة الأموال من خلالها”.

الاعتذار والتعويضات
انها حالة سيئة، وفقًا للمحامي خيرت بوت، الذي بدأ إجراءات محاكمة مدنية ضد بنك ING: “إذا تعامل البنك مع هذه الأمور بلا مبالاة، فقد يحدث أن ينتهي الأمر بشخص بريء للظهور في البرنامج على أنه مجرم مرة أخرى.
نريد من البنك الاعتذار والاعتراف والتعويض، ولكن قبل كل شيء الانفتاح، لأنه إذا اتضح كيف حدث هذا، سيتم منع حدوثه مرة أخرى في المستقبل”.
القضية المرفوعة ضد ING ستعقد جلستها في 2 فبراير و طالما أن القضية في المحكمة، لا يريد بنك ING التعليق على الأمر.

 

المصدر: RTLNieuws